يعتبر علم النفس الإيجابي أحد أحدث فروع علم النفس. بحيث يركز هذا العلم على مساعدة الأشخاص على النظر إلى نقاط قوتهم و تطويرها. بالإضافة إلى ذلك النظر إلى حياتهم بشكل إيجابي و الإمتنان على الأشياء التي يمتلكونها.

و هذا الشيء يعتبر عكس ما تقوم به علوم النفس الأخرى المعروفة منذ قديم الزمان. التي تركز على الجانب السلبي من حياة الشخص و التي تحاول إصلاح المشاكل العقلية و السلوك الغير طبيعي.

يعتبر مارتن سيليجمان أحد أشهر علماء النفس الذي شجع و دعم فكرة علم النفس الإيجابي. بحيث يعتبره الكثيرون هو والد هذا العلم الذي يشجع الناس على رؤية الحياة بإيجابية. بالإضافة إلى العالم مارتن يوجد العديد من علماء النفس الذين أيدوا فكرة هذا العلم. مثل كريستوفر بيترسون وميهالي سيكسزينتميهالي.

علم النفس الإيجابي
قوة التفكير الايجابي

أهداف علم النفس الإيجابي (عناصر الرفاهية)

يركز هذا العلم على عدة نقاط رئيسية, و من خلال هذه النقاط يستطيع الشخص الوصول إلى مرحلة السعادة في الحياة. لذلك سأذكر لكم أهم 5 أهداف يركز عليها هذا العلم الحديث.

1- قبول الماضي و الرضا بالحاضر و التفاؤل بالمستقبل

يوجد عدد كبير من الناس لا يشعرون بالسعادة نتيجة عدم قبولهم بالماضي. بحيث تؤثر أحداث الماضي على سعادتهم في الوقت الحاضر. بالإضافة إلى ذلك يشعر العديد من الأشخاص بالذنب و تأنيب الضمير نتيجة إتخاذهم قرارات خاطئة بالماضي. لذلك تجدهم يجلدون أنفسهم و يتكلمون بسلبية مع ذاتهم نتيجة هذه الأخطاء.

لذلك يحاول علم النفس الإيجابي مساعدة هؤلاء الأشخاص إلى الوصول إلى مرحلة القبول و مسامحة الذات. بحيث يعمل على تطوير أبحاث و دراسات تساعد الأشخاص بالنظر إلى هذه الحياة بإيجابية و التخلص من جلد الذات. فإذا قمت أنت بقبول الماضي الخاص بك و قبول جميع أخطائك. فهذا سوف يساعدك على عيش اللحظة الحالية و زيادة الإنتاجية.

علاوة على ذلك يشجع هذا العلم على البحث و إيجاد طرق تساعد الناس بالرضا عن الحاضر. لأن شعورهم بالرضا عن الحاضر سوف يساعدهم في العيش بعيداً عن التوتر و القلق. بالتالي سوف يزداد عندهم الشعور بالسعادة و الإيجابية.

أيضاً لا ننسى أن علم النفس الإيجابي يحاول أيضاً مساعدة الناس على إيجاد طرق معينة لزيادة التفاؤل بالمستقبل. فعندما يزداد التفاؤل لدينا بالمستقبل سوف يزداد إقبالنا على هذه الحياة و تزداد إنتاجيتنا بشكل ملحوظ.

لذلك نرى الكثير من الشركات الربحية و التي تعمل في مجالات المبيعات. تحاول إعطاء موظفيها دورات عن هذا العلم و عن التفكير الإيجابي. بحيث تقوم هذه الدورات على مساعدة الموظفين بزيادة إنتاجيتهم و تفاؤلهم بمستقبلهم المادي و الوظيفي.

2- الإنخراط بأداء الأنشطة و الهوايات

من عناصر الرفاهية التي وضعها مارتن سيلجمان ضمن علم النفس الإيجابي. هي أن يقوم الفرد بإدخال بعض النشاطات و الهوايات الترفيهية إلى حياته. و ذلك لكي يخرج من روتين الحياة الممل و الذي عادةً ما يؤدي إلى إنخفاض الإيجابية و الإنتاجية.

فكما نعلم أن الأنشطة الترفيهية و الرياضية التي نمارسها بشكل دائم بحياتنا. تساعدنا على تجديد شغفنا و حبنا لهذه الحياة. بالإضافة إلى ذلك تهدف هذه الأنشطة إلى مساعدة الأشخاص بزيادة الترابط بينهم و بين الأشخاص الآخرين. سواءً كانوا أصدقائهم أو أفراد عائلتهم.

لأن علم النفس الإيجابي يركز أيضاً على زيادة الترابط العائلي و العلاقات الإجتماعية. لما لها أثر كبير في تقديم الدعم و المساعدة للشخص. بالإضافة إلى شعور الشخص بأنه ينتمي إلى شيء له معنى في هذه الحياة.

3- الإبتهاج و تكوين روابط إجتماعية مع العائلة و الأصدقاء

إن التفاؤل و الإبتهاج يعتبران هدفاً من الأهداف الذي دائماً يركز عليه هذا العلم. علاوة على ذلك تعتبر العلاقات الإجتماعية أساساً قوياً يركز عليه علم النفس الإيجابي.

فكما ذكرت سابقاً عن أهمية العلاقات الإجتماعية للشخص. فإن علم النفس بشكل عام يعلم الأهمية الكبيرة التي تلعبها العلاقات الإجتماعية الصحية في سعادة الشخص في الحياة و نظرته الإيجابية لها. فعندما نشعر بالضيق و الحزن نلجأ إلى الأشخاص المقربة لنا سواءً من عائلتنا أو من أصدقائنا. أو حتى إذا شعرنا بالفرح و السعادة فإننا نحاول مشاركة هذه الأخبار السعيدة مع الأشخاص المقربة لنا.

لذلك نجد أن الأشخاص الذين يعيشون ضمن علاقات سامة و مع عائلة سامة و يتعاملون مع أب أو أم نرجسية. نجدهم أغلب الأوقات يشعرون بالحزن و التعاسة نظراً لعدم وجود علاقات إجتماعية صحية و قوية.

هنا جاء علم النفس الإيجابي محاولاً إيجاد بعض الطرق لزيادة الروابط الإجتماعية مع العائلة و الأصدقاء. و ذلك ليحاول مساعدة الأشخاص على التفاؤل و إيجاد معنى لهذه الحياة.

*ملاحظة: يركز هذا العلم على الجانب القوي و الإيجابي من حياة الإنسان. لذلك إذا كان الشخص يعاني من مشاكل معينة أو أمراض نفسية فإن علم النفس التقليدي و الأساسي هو الحل الأفضل لعلاج مشاكله. و بعد ذلك يمكن تطبيق إستراتيجيات علم النفس الإيجابي. أو من الممكن تطبيقها خلال فترة العلاج و حل المشاكل فهذا يعتمد على الخطة العلاجية.

4- إيجاد معنى و هدف لحياتك

إذا أردت أن تشعر بالتفاؤل و السعادة خلال حياتك, فالأفضل لك أن تجد هدفاً ما تضعه بين عينيك. لأن الحياة بلا أهداف واضحة لا معنى لها. علاوة على ذلك ستجد نفسك تشعر بالضياع لعدم وجود خطة واضحة لحياتك.

لا أنكر أن معظم الأشخاص يشعرون بالضياع في فترة ما من الحياة. و خلال هذه الفترة يحاولون إيجاد المعنى الحقيقي من الحياة. أحياناً يصل الأمر إلى عدة سنوات لإيجاد هدف واضح للشخص. لذلك يركز علم النفس الإيجابي على مساعدة الناس في إكتشاف شغفهم و وضع أهداف وخطط كبيرة لحياتهم.

بحيث هذه الخطط تساعدهم على تنظيم أمورهم اليومية و جعلهم يشعرون بالتفاؤل في المستقبل. نتيجة الأهداف و الخطط التي وضعوها للمستقبل.

تأثير هذا العلم على الأشخاص

يحاول علم النفس الإيجابي شرح و إيصال بعض الأفكار للناس و ذلك لكي يساعدهم إلى الوصول للسعادة و القبول. مما يؤدي إلى تقليل التوتر و الخوف من المستقبل. لذلك سأذكر لكم بعض تأثيرات هذا العلم على حياة الأشخاص.

1- لا يشتري المال دائماً السعادة و الرفاهية, لكن إنفاق المال على الآخرين يجعل الناس أكثر سعادة

قبل أن أقوم بشرح هذه النقطة أرجو منك التركيز جيداً في الشرح. لأنني لا أتفق كلياً مع هذه النقطة من تأثيرات علم النفس الإيجابي على الناس.

نعم من الممكن أن لا يشتري المال السعادة و الرفاهية لكن هذا في حالات معينة. الحالة الأولى أن تكون ثرياً, بحيث زيادة المال لن ترفع من مقدار السعادة عند الشخص الثري. و ذلك لأنه يمتلك المال و يمتلك جميع الأساسيات في هذه الحياة. مثل إمتلاكه للمنزل و السيارة و مشروعه الخاص الذي يعمل به العديد من الموظفين. فإذا شعر هذا الشخص بالحزن من شيء معين, عندها نستطيع أن نقول أن المال لا يشتري السعادة.

الحالة الثانية عندما يكون الشخص يمتلك أموالاً كثيرة و لكنه يعاني من أمراض معينة تمنعه أن يستمتع في هذه الحياة. فهذه الحالة أيضاً نستطيع القول أن المال لا يشتري السعادة. و كذلك الشخص الذي يمتلك المال لكنه يشعر بالوحدة أو يسكن بعيداً عن وطنه و عائلته.

أما بالنسبة لمعظم الشباب الذين يعيشون في الوطن العربي. فإن المال يشتري لهم السعادة و يُمكنهم من الوصول إلى أهدافهم في هذه الحياة. فالكثير من هؤلاء الشباب لا يستطيع أن يشتري أو حتى يستأجر منزلاً. علاوة على ذلك هناك الكثير من الشباب لا يستطيعون الإقبال على الزواج نتيجة عدم قدرتهم المالية. لذلك المال يصنع لهم السعادة و يُمكنهم من العيش بشكل جيد.

أما بالنسبة للشق الثاني من هذه النقطة ( إنفاق المال على الآخرين يجعلك سعيداً)

سؤالي هو (كيف سوف تنفق المال على الآخرين و أنت لا تمتلكه؟). لذلك كيف سأشعر بالسعادة نتيجة إنفاقي المال على المحتاجين و أنا من أحدهم.

نعم هذه النقطة رائعة جداً من علم النفس الإيجابي. لكن لا أتوقع أنها تتفق مع جميع فئات المجتمع و خصوصاً المجتمع العربي. أيضاً لا ننسى أن الأطباء و الباحثون الذين قاموا بإنشاء هذا العلم هم من الغرب. و كما نعلم أن متوسط دخل المواطن الأمريكي أو الأجنبي بشكل عام. أعلى بأضعاف المرات من دخل المواطن العربي. لذلك هذه النقطة لا أتفق معها بشكل كلي.

علاوة على ذلك هناك الكثير من الشركات التي تقوم بدعوة مدرب دولي ليقوم بإعطاء الموظفين دورات عن الطاقة الإيجابية. و هذه الشركات تتعمد هذا النمط من الدورات لكي يقبل الموظف براتبه القليل و يعمل لساعات طويلة بحجة التفاؤل و الإيجابية.

و إن لم يفعل ذلك الأمر و إن لم يكن إيجابياً رغم وضعه المادي السيء. فالجميع سوف يضع اللوم على هذا الموظف التعيس. نعم إن هذا الموضوع معقد و له أكثر من جانب و مع الأسف الشديد يتم إستخدامه في بعض الأحيان لخدمة مصالح شخصية.

2- الناس سعداء بشكل عام

يركز علم النفس الإيجابي على أن ينظر الشخص إلى الناس و كأنهم جميعاً سعداء. طبعاً هذه النقطة جيدة و تسمح لنا برؤية الجانب المشرق من هذه الحياة.

لكن يجب علينا أيضاً أن لا نبتعد عن الأشخاص المقربين الذين يشعرون بالحزن. بل من أهداف هذا العلم محاولة مساعدة الآخرين لأن ذلك سوف يعطيك الشعور بالحب و السعادة.

بالطبع هذه النقطة أكثر من رائعة لكن يتم تداولها بشكل أناني في بعض الدورات. ففي أحد الأيام عندما كنت أعمل في مجال المبيعات. أحضرت لنا الشركة مدرب معتمد لإعطائنا دورة عن علم النفس الإيجابي و التفكير الإيجابي. و من ضمن الأفكار المطروحة في هذه الدورة أن نبتعد عن أي شخص لا يشعر بالسعادة.

بعد ذلك عندما كنا ندخل إلى بيئة العمل و عندما كان يأتي إلينا أحد الأصدقاء و يقول لنا أنه يعاني من مشكلة ما. كنا نحاول الإبتعاد عنه و عدم الإستماع له. ذلك تطبيقاً لكلام المدرب الذي كان يحض على الإبتعاد عن الأشخاص التي تمر بظروف صعبة بحجة أنهم سلبيين.

أنا لا أنكر بأن هناك بعض الأشخاص يتلذذون بالألم و يعيشون دور الضحية. و بالطبع هؤلاء الأشخاص يجب علينا الإبتعاد عنهم بسبب تأثيرهم السلبي على الإنتاجية و على المزاج. لكن هناك بعض الأشخاص تحتاج بالفعل إلى مساعدة و ترتاح عندما تتكلم معك. لذلك حاول أن تطبق علم النفس الإيجابي بشكل صحيح و حاول أن تفهمه بشكل جيد من مصادره الأساسية.

3- المساعدة في الخروج من خيبات الأمل بجميع حالاتها

تعتبر خيبات الأمل من الأشياء التي تعكر سعادة الشخص. قد تكون هذه الإنتكاسات نتيجة الوضع المادي أو العلاقات الإجتماعية.

لذلك علم النفس الإيجابي يبحث و يطور أساليب معينة لمساعدة الشخص على الخروج من هذه الحالة النفسية السيئة. فإذا كنت تعاني من مشاكل و إنتكاسات معينة. فمن الممكن أن يقوم الطبيب النفسي المتخصص بعلم النفس الايجابي بوضع خطة معينة لإخراجك من هذا الوضع.

بالتأكيد يتضمن هذا العلم طرق إيجابية تساعد في تحسين المزاج. مثل الإمتنان و الشكر بالإضافة إلى الإيثار و مساعدة الآخرين. أيضاً سوف تساعد الإستراتيجيات المتضمنة في هذا العلم الشخص على إكتشاف نفسه و إكتشاف نقاط ضعفه. بالتالي سوف يصبح أكثر ثقة بنفسه و تزداد سعادته و إنتاجيته في هذه الحياة.

الفرق بين علم النفس الإيجابي و التفكير الإيجابي

يخلط الكثير من الناس بين علم النفس الايجابي و التفكير الايجابي. لذلك سأقوم بتوضيح الفروقات بينهم لمساعدتك على فهمهم بشكل أكبر.

علم النفس الإيجابي: هو مجموعة من الدراسات العلمية التي تبحث في الأشياء التي تجعل الناس يزدهرون. و يركز على السلوكيات التي تحسن من طريقة التفكير و أداء الأعمال المطلوبة.

أما بالنسبة للتفكير الإيجابي: فهو نمط من أنماط تفكير الشخصية. بحيث تجد بعض الأشخاص يفكرون بإيجابية و البعض الآخر يفكرون بطريقة سلبية. بالنسبة لهذا التفكير فهو مجموعة من التكتيكات التي يستخدمها الشخص للمساعدة الذاتية. و غالباً ما يتم إطلاق دورات عن التفكير الإيجابي من قبل مدربين التنمية البشرية.

ملخص

علم النفس الإيجابي هو أحد أحدث فروع علم النفس. الذي يهدف لإيصال الشخص إلى السعادة و الإزدهار في هذه الحياة. أيضاً يركز هذا العلم على النقاط الإيجابية و نقاط القوة لدى الشخص عكس ما يقوم به علم النفس التقليدي.

يعتبر مارتن سيليجمان هو والد علم النفس الايجابي المعاصر. بحيث هو الشخص الذي شجع هذه الفكرة و أصر على البحث في الأشياء التي تجعل الناس أكثر إنتاجية و سعادة.

يجب علينا التفريق بين التفكير الإيجابي و علم النفس الإيجابي لأنهما يختلفان عن بعضهما البعض. فعلم النفس مجموعة من الدراسات و الأبحاث. بينما التفكير الإيجابي هو نمط من أنماط التفكير الذي يعتمد على بعض التقنيات و التكتيكات.

فيديو عن علم النفس الإيجابي

كُن أول الأشخاص الذين يقرأون المقالات عند صدورها

قم بالتسجيل لتلقي المقالات أولاً بأول في الصندوق الوارد الخاص بك.

نحن لا نرسل البريد العشوائي! اقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيد من المعلومات.

التصنيفات: علم نفس

0 تعليق

اترك تعليقاً

عنصر نائب للصورة الرمزية (Avatar)

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *