لماذا لا أستطيع نسيان النرجسي؟ يعتبر هذا السؤال من أكثر الأسئلة الذي يشغل بال الكثيرين من الذين تعرضوا لعلاقة سامة مع شخصية نرجسية. فما هو السر لعدم قدرة الشخص على تخطي النرجسي و عدم قدرته على نسيانه؟.
نعم إن الخروج من العلاقات السامة ليس بتلك السهولة و ذلك يعود لعدة أسباب منها . الشعور بأنك لن تجد شخصاً آخر يحبك, علاوة على ذلك فإن مشاعر الوحدة ستسيطر عليك بمجرد التفكير بالخروج من هذه العلاقة السامة. لكن عندما يتعلق الأمر بصعوبة نسيان النرجسي فإن تعلقك يكون به شخصياً. بحيث تشعر و كأنك مرتبطاً و متصلاً به بطريقة معينة.
يتطور الإرتباط العاطفي , الذي يسمى رابطة الصدمة من خلال دائرة متكررة من الإساءة. كما ذكرت في فيديو دورة العلاقة مع النرجسي الذي شرحت فيه تلك الدورة. بالإضافة إلى ذلك يتكون بسبب التقليل من قيمتك و التعزيز الإيجابي.
لذلك سوف أقوم بهذا المقال ذكر علامات رابطة الصدمة. أيضاً سبب حدوثها و كيفية كسر هذه الرابطة .
خصائص و علامات رابطة الصدمة (نسيان النرجسي)
هناك خاصيتان رئيسيتان تميز هذه الرابطة و هما:
1- طبيعة دورية
إن العلاقة مع الشخصية النرجسي تكون على شكل دورة. في بدايتها يكون تعزيز بشكل كبير حيث تسمى هذه المرحلة بقصف الحب. و بعد ذلك يقوم النرجسي بالإساءة إليك بشكل كبير حيث يبدو غير مكترث أبداً للعلاقة. ثم بعد ذلك يحاول العودة و محاولة إرضائك من جديد أو إعطائك الإهتمام كما كان سابقاً. بالمختصر يعتبر ذلك تعزيز متقطع.
في النهاية يبدأ الحب بالتغلب على الخوف من الإساءة . نتيجة عودته كما كان من قبل و تستعيد ثقتك به تدريجياً و تتجاهل ما قد فعله بك بالسابق حتى تبدأ الإساءة مرة أخرى.
2- خلل في القوة
ترتكز هذه الرابطة أيضاً على على عدم التوازن في القوة. قد تشعر بأنه يتحكم بك لدرجة أنك لا تعرف كيف تتحرر من هذه الرابطة. حتى إن تمكنت من ترك العلاقة فقد تجد صعوبة في كسر هذه الرابطة من دون مساعدة.
لأنك سوف تشعر بالضياع و النقص من دون وجوده . و ذلك بسبب إدمانك على دورة الإساءة , و لا تعرف العيش من دونها . مما يصعب عليك نسيان النرجسي.
علامات رابطة الصدمة (Trauma Bonding)
- عدم الشعور بالسعادة و قد تكون لا تحب شريكك , لكن لا تزال تشعر بعدم القدرة على إنهاء الأمور.
- الشعور بالضيق الجسدي و العاطفي عندما تحاول الخروج من العلاقة.
- عند إتخاذك قرار الإبتعاد عن النرجسي فإنه يقوم بإعطائك الوعود بأنه سيتغير. لكن لا يبذل أي جهد للتغيير.
- أنت تركز على الأيام الجيدة بينكم و تستخدمها كدليل لإثبات أن العلاقة جيدة و ليست سامة.
- الدفاع عن سلوك النرجسي بالرغم من تحذير الجميع لك. و وضوح الإساءات بشكل كبير.
- لا تزال تثق بالنرجسي و تأمل أن يتغير.
- تقوم بحماية الشخص السام بالتستر على أفعاله و إساءته لك.
كل تلك العلامات تدل على الرابطة المؤلمة و عدم قدرتك على نسيان النرجسي. فإذا أردت التأكد من إصابتك بهذه الصدمة إسأل نفسك سؤال و هو. لو جاء أحد أصدقاؤك و قال لك ما يعانيه مع شريكه بحيث كان يمر بنفس الأشياء التي تمر بها. و أخذ رأيك بإنهاء تلك العلاقة فبماذا ستنصحه؟. حاول الإجابة بصدق.
إذا كنت ستنصحه بالتخلي و الإبتعاد عن النرجسي و أنت ما تزل غير قادر على مغادرة العلاقة. فهذا يعني أنك مصاب برابطة الصدمة (Trauma Bonding).
سبب حدوث ذلك
قد يتفاجأ الكثير من الناس الذين لم يتعرضوا لعلاقات سامة سبب بقاء الأشخاص في مثل هذه العلاقات. لأنهم يعتقدون بأنك قادر على مغادرة تلك العلاقة , إلا أن رابطة الصدمة تجعل هذا الشي صعباً للغاية. و ذلك يؤثر بشكل كبير حتى بعد إبتعاده عن الشخص السام بحيث لا يستطيع نسيان النرجسي بسهولة.
فهناك عاملان يلعبان دوراً مهماً في تكوين هذه الصدمة و هما:
إستجابة التجميد
يستجيب الناس للتهديدات بأربع طرق و هي : القتال , الهروب , التجميد , التودد. عندما تتعرض للإساءة و تخشى أن تتعرض للأذى في المستقبل . فإن دماغك يقوم بالتعرف على الضيق الوشيك و يرسل تحذيراً لباقي جسمك. بعد ذلك تتدفق هرمونات التوتر (الأدرينالين والكورتيزول) مما يؤدي الى إنطلاق غريزة البقاء.
فإذا كنت تشعر بعدم قدرتك على الخروج من هذه العلاقة و نسيان النرجسي. بالإضافة الى عدم قدرتك على الوقوف بوجه المسيء فهذا يعني أن إستجابة التجميد هي الأنسب بالنسبة الى عقلك.
بالتالي عندما تزداد درجة الإساءة بحيث لا تستطيع تحملها . فإنك تختار التركيز على الجانب الإيجابي من هذه العلاقة وتتجاهل الإساءات . علاوة على ذلك تقوم بخلق الأعذار و تبرير سلوكهم و ذلك لتبرير رغبتك بالبقاء.
الهرمونات لها دور كبير جداً
تعد الهرمونات معززات قوية تجعل مرحلة نسيان النرجسي صعبة جداً. دعوني أشرح لكم سبب ذلك عن طريق هرمون الدوبامين و هو هرمون السعادة وله صلة كبيرة برابطة الصدمة.
عندما تتعرض للإساءة من النرجسي , يقوم النرجسي بعدها بمحاولة إرضائك مرة أخرى. و هذا يحدث عادةً بشكل كبير في المراحل الأولى من العلاقة. و يستخدم عدة وسائل لكي يعيدك للعلاقة و يجعل هرمون الدوبامين يرتفع عندك مما يقلل من الخوف و التوتر نتيجة الإساءة.
على سبيل المثال : قد يقوم بجلب الهدايا لك او تقديم الإعتذارات علاوة على ذلك قد يقوم بالتودد لك حميمياً. و تعد هذه الأشياء بمثابة مكافآت تساعد في تعزيز الراحة و تحفيز إطلاق الدوبامين.
بما أن الدوبامين يجعلك تشعر بالسعادة . فبذلك علاقتك بالنرجسي او الشخص المسيء تصبح أقوى , و يكون هو المصدر لإطلاق هرمون الدوبامين عندك بشكل كبير. لذلك أنت تريد الدوبامين فتستمر في محاولة إسعادهم لكسب تعاطفهم.
أيضاً تحفز المودة الجسدية و العلاقة الحميمة إفراز هرمون الأوكسيتوسين. و هو هرمون آخر يساعد على الشعور بالسعادة و يزيد بشكل كبير الترابط بينك و بين الشخص المسيء. بالإضافة إلى ذلك يقوم هذا الهرمون بتقليل نسبة الخوف و التوتر و التقليل من الشعور بالضيق و الألم. مما يجعل نسيان النرجسي صعب.
كسر رابطة الصدمة (Trauma Bonding)
سأذكر لكم بعض النصائح التي ستساعدكم في كسر هذه الصدمة. لكن يجب علينا أن نأخذ بعين الإعتبار أن فترة التعافي تختلف من شخص الى آخر. و ذلك يعود لعدة أسباب و من أهمها تعرض الشخص لسوء تربية و إيذاء في مرحلة الطفولة. مما يجعله ينجذب الى علاقات مماثلة في مرحلة البلوغ لأن دماغه تبرمج على تلك الإرتفاعات و الإنخفاضات في دورة الإستغلال. مما يجعل نسيان النرجسي لمثل هذه الحالات أصعب من غيرها.
سأذكر حالياً خطوات و نصائح تساعدكم في كسر هذه الرابطة:
1- إفهم و إعرف مع من تتعامل و ما الذي تمر به
يعتبر التثقيف و زيادة الوعي عن الشخصيات السامة و دورة الإستغلال داخل العلاقة شيء مهم جداً. و ذلك سيساعدك على فهم المشاعر التي تمر بها علاوة على ذلك معرفتك بأساليب التلاعب و السبب من وراء إستخدامها. مما سيقلل عندك الشعور بالذنب و تأنيب الضمير أيضاً تعمل على حل المشاكل التي تمتلكها من مرحلة الطفولة الى الآن. مما سيساعدك في مراحل نسيان النرجسي.
2- أكتب مشاعرك و ما تمر به على دفتر خاص
من أكثر الأشياء التي أنصح بها الأشخاص الذين يمرون في هذه الصدمة. هي تدوين مشاعرهم على دفتر خاص مما يساعدك على تفريغ تلك المشاعر السلبية و إخراجها الى الخارج. و هذا سيسمح لك بمتابعة نفسك أول بأول بحيث تكون قريب منها و تعرف ما الخطوات القادمة .
أيضاً يعتبر تدوين ما تمر به من تلاعب و إساءات من الشخصيات السامة شيء مهم . لأنه يعطيك القدرة على تحليل المواقف التي مررت بها بحيث تكون مطلع على مجريات الأحداث أول بأول. هذا يعني تجنب وقوعك في فخ التلاعب من الشعور بالذنب او ال Gaslighting . الذي يعتبر من الأساليب التي تستخدم للتلاعب بالذكريات . لذلك سيكون الدفتر الخاص بك مرجع قوي لك.
3- أنظر إلى علاقتك مع المسيء من منظور خارجي
عندما تقوم بالنظر الى علاقتك مع النرجسي من منظور خارجي . سيساعدك هذا على رؤية العلاقة بوضوح اكثر , بإمكانك فعل ذلك عن طريق تخيل نفسك ضمن مجريات مسلسل تلفزيوني. و أنت هو ضحية الشخص المسيئ في هذا المسلسل , فما هو الشيء الذي ستنتظره من الضحية . هل ستنتظر بقائها ضعيفة و يسهل التلاعب بها أم ستتمنى أن تستفيق من سباتها و تخرج من هذه العلاقة. لذلك هذه الوسيلة تعتبر فعالة في مراحل نسيان النرجسي .
4- تواصل مع أصدقائك و المقربين لك
تعتبر فترة ال Trauma Bonding صعبة جداً و تحتاج فيها الى دعم كبير لذلك حاول أن تكون قريب من أشخاص تثق بهم. و ذلك لكي يقدموا لك الدعم الكافي لمواجهة هذه المرحلة الصعبة علاوة على ذلك إيقافك من العودة الى الشخص المسيء.
5- تجنب لوم نفسك
عند تواصل الكثير من الأشخاص مع المختصين في العلاج النفسي . فإنهم يقومون بوضع اللوم على أنفسهم و عدم مسامحة نفسهم على الأخطاء الماضية. مما يزيد من صعوبة الخروج من هذه الحالة النفسية الصعبة و البقاء في العلاقة مع المسيء.
دائماً تذكر أن الإساءة ليست خطأك بتاتاً بغض النظر عن :
- ما فعلته و ما لم تفعله
- خوفك من أن تبقى وحيداً أو عدم وجود النرجسي في حياتك
- عدد المرات التي قمت بالعودة إلى النرجسي
لذلك أنت تستحق الأفضل و حاول أن تستبدل لوم الذات و الحديث السلبي , بالتوكيدات و التحدث الإيجابي مع النفس. و هذا سيساعدك بالتأكيد على نسيان النرجسي.
6- قطع التواصل نهائياً
بعد إتخاذ قرار المغادرة من العلاقة يجب عليك قطع التواصل و تعطيل دورة الإساءة. و ذلك يكون عن طريق إيقاف جميع الإتصالات و الإبتعاد عن النرجسي . علاوة على ذلك قم بتغيير رقم هاتفك و مواقع التواصل الإجتماعي إن أمكن . و إن لم تستطع ذلك قم بحظره تماماً بحيث لا يستطيع الوصول إليك . لكن رغم ذلك قد يحصل الشخص السام على رقم هاتف جديد و يحاول التواصل مرة أخرى.
في هذه الحالة يجب عليك تجاهلهم تماماً و حظرهم مرة أخرى . لأن النرجسي سيحاول إعطائك وعود بأنه سيتغير و يذهب للعلاج و وعود أخرى مغرية ليقنعك بالعودة . لكن هنا ذكر نفسك كم مرة وعدك النرجسي بأنه سيتغير و أخلف بوعده. هذه الخطوة أهم خطوة لنسيان النرجسي.
في حال كان النرجسي أحد أفراد العائلة مثل : الأم النرجسية , و لا تستطيع الإبتعاد عنه. حاول طلب مساعدة مختص لمساعدتك بوضع خطة للحفاظ على التواصل الضروري فقط.
7-أحصل على مساعدة إحترافية
يمكن لهذه المرحلة أن تستمر أكثر مما تتوقع لذلك طلب دعم شخص متخصص سيساعدك كثيراً. لكن يجب عليك إختيار المختص بعناية بحيث يكون هناك خطة واضحة للعلاج.
سيقوم المختص في فترة العلاج لنسيان النرجسي بالتالي:
- إكتشاف العوامل التي تغذي هذه الرابطة مثل : مراقبة النرجسي على مواقع التواصل الإجتماعي.
- مساعدتك في وضع حدود شخصية.
- تعلم مهارات بناء علاقات صحية. رابط فيديو علامات العلاقة الصحية (هنا)
- مواجه النقد و لوم الذات و إستبدالها بالحديث الإيجابي.
- تطوير خطة رعاية ذاتية.
- علاج أعراض الصحة العقلية المتعلقة بالصدمات و سوء التربية.
أنصحكم مرة أخرى بالتعامل مع معالج ذو خبرة كبيرة و مطلع على الصدمات . خصوصاً إضطراب ما بعد الصدمة و الآثار اللاحقة لسوء التربية .
المصدر : www.healthline.com/health/mental-health/trauma-bonding
- عودة المرأة النرجسية بعد الانفصال – احذر عودتها
- الزواج من امرأة مطلقة – هل هو القرار الصحيح للرجل الأعزب الذي لم يسبق له الزواج؟
- كيف تصبح شخصية سيجما؟
- التفكير بالنرجسي – ما سبب تفكيرك المستمر بالنرجسي بعد الانفصال؟
- كيف تتعامل مع النرجسي بعد الانفصال؟
0 تعليق