النرجسية في علم النفس

ما هي النرجسية في علم النفس؟. إنتشر في السنوات الأخيرة مصطلح النرجسية بشكل كبير بين الناس. علاوة على ذلك إنتشر العديد من الأشخاص و القنوات التي تتكلم عن هذا المصطلح. فما السبب وراء إنتشار مصطلح النرجسية بين الناس؟ و هل بالفعل تعتبر مرضاً نفسياً في علم النفس؟.

في هذا المقال سوف أشارك معكم أهم التفاصيل حول إضطراب الشخصية النرجسية. بحيث سوف أشرح معنى هذا المصطلح و أعراض الشخص المصاب به و الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بهذا الإضطراب.

ما هي النرجسية في علم النفس؟

يعبر مصطلح النرجسية عن حالة مرضية تؤثر على الصحة العقلية للشخص المصاب بها. بحيث يشعر المريض بهذا الإضطراب بشعور مبالغ بالأهمية بالإضافة إلى حاجته المستمرة للإعجاب و الإهتمام. و يعاني النرجسي من إضطراب و توتر في علاقاته الإجتماعية و العاطفية.

ما يميز الشخص النرجسي عن الأشخاص الآخرين عدم قدرته على فهم إحتياجات الآخرين و عدم التعاطف معهم. لذلك قد يعاني الأشخاص الذين يتعاملون مع هذه الشخصية بشكل كبير. خصوصاً إذا كان النرجسي في مركز سلطة و سيطرة كالأب أو الأم أو المسؤول في العمل.

لكن خلف قناع الثقة المبالغ بها يوجد شخصاً يشك بنفسه و ينزعج و يغضب بسهولة من أقل الإنتقادات. فكما نعلم أن الشخصية القوية و الواثقة من نفسها لا يمكنك إزعاجها بسهولة. مما يدل على أن الشخصية النرجسية غير متواصلة مع ذاتها و تمتلك تقديراً منخفضاً للذات. بحيث تخفي ذلك عن الآخرين عن طريق التلاعب و السيطرة و التقليل من أهمية من حولها.

أعراض و صفات الشخصية النرجسية

تختلف أعراض إضطراب الشخصية النرجسية و مدى شدتها من شخص إلى آخر. فهناك درجات لهذا الإضطراب بحيث قد تكون شدته مرتفعة عند شخص ما أكثر من الآخر. لذلك سأذكر لكم الآن أعراض و صفات الشخصية النرجسية في علم النفس:

1- شعور مبالغ في الأهمية و الحاجة المستمرة إلى الإعجاب

يشعر النرجسي بأنه شخص مختلف و متميز عن الآخرين. بالإضافة إلى ذلك فهو بحاجة غير معقولة إلى الإهتمام و الإعجاب و سماع الإطراءات و المديح من الآخرين.

فإذا كنت بعلاقة مع هذه الشخصية سوف تلاحظ مدى رغبتها بسماع المديح و الإطراءات. و إذا لم تقم بذلك و كنت تتعامل معها بشكل طبيعي سوف تلاحظ كمية الغضب التي سوف تعتلي وجهها.

هذا الأمر لا يقتصر على العلاقات العاطفية فقط, بل بجميع العلاقات التي تتعامل من خلالها مع الشخصية النرجسية. سواءً علاقة عاطفية أو علاقة مرتبطة بمكان العمل مع الزميل أو المدير النرجسي.

2- يشعر النرجسيون بأنهم يستحقون معاملة خاصة

كما ذكرت سابقاً في العديد من المقالات المتعلقة بالشخصية النرجسية في علم النفس. بأن هذه الشخصية تعتقد بأنه على الجميع أن يتعامل معها بشكل خاص. و إن لم تحصل على تلك المعاملة الخاصة فسوف تشعر بالغضب و ينفذ صبرها. لذلك تعاني الشخصية النرجسية من مشاكل مستمرة و عدم إستقرار في علاقاتها الإجتماعية.

3- المبالغة في عرض إنجازاتهم و مواهبهم

يقوم الشخص النرجسي بإستعراض إنجازاته و مواهبة أمام الآخرين بشكل مستمر. و السبب في ذلك حاجته الكبيرة و المستمرة إلى لفت الأنظار و الحصول على الوقود النرجسي. علاوة على ذلك إن الإنجازات التي يقوم بالمبالغة في إستعراضها لا تستحق كل هذه الضجة التي يقوم بها النرجسي.

و إذا لم يجد أي شيء يقوم بعرضه على الآخرين فمن الممكن أن يقوم بذكر إنجازات متعلقة بالماضي. أو يقوم بإختراع قصة وهمية بحيث يكون هو بطلها.

4- يشعر بأنه متميز عن الآخرين و يجب أن يتعامل مع أشخاص متميزة فقط

من صفات الشخصية النرجسية في علم النفس بأن هذه الشخصية دائماً تبحث عن الأشخاص المتميزين للتعامل معهم. ذلك لأنها تعتبر نفسها متميزة ولا تستطيع التعامل إلا مع الشخصيات المتميزة. و هذا الشيء يدل على أنه يتعامل بإحتقار و إزدراء مع الأشخاص الذين يشعر بأنهم أقل منه.

5- إستغلال الآخرين للحصول على ما يريد

يقوم الشخص النرجسي بالتلاعب في الآخرين للوصول إلى أهداف معينة. على سبيل المثال قد يقوم المدير النرجسي بإستغلال بعض الموظفين للقيام بأعمال شخصية و خاصة به.

أو كمثال آخر تقوم شخصية نرجسية بالدخول إلى علاقة معينة و إيهام الطرف الآخر بالحب. لكن هدفها الرئيسي هو الحصول على أموال هذا الشخص و النصب عليه.

6- عدم القدرة أو عدم الرغبة بالتعاطف و فهم إحتياجات الآخرين

من الأعراض الواضحة للشخصية النرجسية في علم النفس هي عدم التعاطف مع الآخرين. تعتبر هذه العلامة من العلامات التي تؤكد و تدل على وجود خلل معين في الشخص الذي تتعامل معه.

7- تحسد الآخرين و تعتقد بأن الآخرين يحسدونها

إن الشخص النرجسي دائماً يعتقد بأن جميع من حوله يحسدونه على الأشياء التي يمتلكها. و على الرغم من أن إعتقاده خاطئ إلا أنه هو الشخص الذي دائماً يتمنى زوال النعمة عن الآخرين. ذلك لكي يبقى هو الشخص المتميز و الذي يمتلك العديد من الممتلكات التي لا يمتلكها أي أحد.

قد يقوم النرجسي بتخريب الأشياء المادية للآخرين في حال شعر بالتنافس و هذا دليل واضح على حسده. لذلك تعتبر الشخصية النرجسية من أخطر الشخصيات في علم النفس.

أسباب إضطراب الشخصية النرجسية في علم النفس

بالنسبة إلى سبب الإصابة بإضطراب الشخصية النرجسية لا يزال غامضاً و مجهولاً. إلا أن علماء النفس و الباحثون ربطوا الإصابة بهذا الإضطراب بعدة أسباب منها:

1- التربية

تعتبر التربية هي الأساس في تكوين صفات و شخصية الطفل. فإذا كان هناك خلل ما في تربية الطفل فهذا سوف يؤدي إلى نشوء العديد من العقد النفسية عنده.

لذلك يعود إضطراب الشخصية النرجسية في علم النفس إلى التربية الغير سوية. بحيث من الممكن أن يكون الشخص تعرض إلى تربية قاسية أو تربية مفرطة الدلال.

فكما يقول معظم الأشخاص الذين عاشوا بعلاقة مع الشخص النرجسي. بأن النرجسي قد تعرض للدلال المفرط من أمه و إلى الآن أمه تتحكم به.

بالمقابل يقول البعض الآخر منهم أن النرجسي تعرض للتربية القاسية جداً من أمه و أبيه النرجسي. و عندما كبر بالعمر بدء هذا الشخص يتصرف مثل والديه و كأن تصرفاتهم هي التصرفات الصحيحة.

علاوة على ذلك النرجسي لا يستطيع التعرف على مشاعر الآخرين بسبب إهمال مشاعره و هو صغير من قبل والديه.

2- الوراثة

تلعب الجينات الوراثية دوراً مهماً في الإصابة بإضطراب الشخصية النرجسية في علم النفس. هذا لا يعني أن النرجسي يولد كذلك لأن ذلك لم يثبت علمياً. لكن يمكن القول أن هناك بعض الأشخاص مستعدين وراثياً للإصابة بنوع معين من الإضطرابات.

لكن هذا لا يعني أن كل شخص مستعد وراثياً للإضطرابات سوف يصاب بالنرجسية. بل يجب أن تتوفر البيئة المناسبة و المحفزات اللازمة لظهور إضطراب الشخصية النرجسية عند الشخص.

على سبيل المثال: نجد أن طفلان تعرضان إلى تربية قاسية من والديهم. لكن الطفل الأول أصبح نرجسياً عندما كبر و الآخر كان شخصاً طبيعياً لا يعاني من أي إضطراب. و السبب في إصابة الطفل الأول بإضطراب الشخصية النرجسية في علم النفس هو وجود إستعداد وراثي للإصابة بهذا الإضطراب.

3- البيولوجية العصبية

يعتبر علم الأعصاب من العلوم المعقدة. بحيث تعتبر البيولوجية العصبية هي الرابط بين الدماغ و السلوك و التفكير. لذلك أي خلل في هذا النظام عند الشخص قد يؤدي إلى حدوث إضطرابات مختلفة منها إضطراب فرط الحركة و تشتت الإنتباه. بالإضافة إلى الإضطرابات الأخرى لكن هذا الشيء لم يتم تأكيده في علم النفس بالنسبة إلى إضطراب الشخصية النرجسية.

مشاكل قد يعاني منها النرجسي

هناك بعض المشاكل المرتبطة بإضطراب الشخصية النرجسية يعاني منها المصاب في حياته اليومية مثل:

1- صعوبات في تكوين العلاقات

كما هو معرف عن الشخص النرجسي فهو يبني علاقاته على أساس المصالح و عادة تكون مصلحته في البداية. لذلك إذا لم يقدم الطرف الآخر شيئاً للنرجسي فلن يدخل معه في علاقة. أو إذا دخل بعلاقة ما مع شخص معين فسوف يقوم بإستغلاله و التلاعب به للحصول على ما يريد.

أيضاً إن علاقات النرجسي الرومانسية لا تدوم لفترة زمنية طويلة. لذلك تجده ينتقل من علاقة إلى أخرى خلال مدة زمنية قصيرة. و إذا إستمر في علاقة رومانسية لمدة طويلة فسوف يتلاعب بالطرف الآخر و يحاول تدميره. مما يؤدي إلى عدم وجود إستقرار في تلك العلاقة.

2- مشكلات في العمل و الدراسة

تعتبر الشخصية النرجسية في علم النفس من أكثر الشخصيات التي تعاني من المشاكل في العمل و الدراسة. و ذلك لقيامها بالتدخل في شؤون الآخرين و محاولة التقليل من شأنهم للشعور بالتفوق. علاوة على ذلك معظم الأشخاص لا تشعر بالراحة عندما يكونون بالقرب من الشخص النرجسي سواءً في بيئة العمل أو الدراسة.

3- قد يعاني من إضطرابات شخصية أخرى

عندما يتواصل معي بعض الأشخاص للإستفسار عن علاقتهم مع الشخصية النرجسية. عادةً ما يذكرون أعراض إضطراب شخصية آخر بالإضافة إلى أعراض الشخصية النرجسية.

على سبيل المثال: قد يعاني النرجسي من إضطراب الشخصية النرجسية و يعاني من الوسواس القهري. لذلك تجد من معه بعلاقة يعاني بشكل كبير من هذا الأمر. لأن النرجسية و الوسواس القهري عندما يجتمعان مع بعضهما البعض في علم النفس يكونان مزعجان جداً.

و سوف يشعر الطرف الآخر بعدم الراحة و عدم الأمان علاوة على ذلك سوف يشعر بالإشمئزاز من نفسه و ينخفض تقديره لذاته و ثقته بنفسه.

4- الإكتئاب

توجد بعض الصفات عند الشخصية النرجسية في علم النفس تجعلها أكثر عرضة للدخول في الإكتئاب منها:

• صعوبات في التعامل مع الآخرين و يشعور بأنهم مهملون بسهولة.
• يجد النرجسي صعوبة في التعامل مع عواطفه و مشاعره (عدم القدرة على التواصل مع نفسه بشكل جيد).
• مواجهة مشكلات كبيرة عندما تتعرض للضغط أو التغيير.
• تشعر الشخصية النرجسية بالإكتئاب لأنها لم تصل إلى مرحلة الكمال.
• تواجه مشاعر عدم الأمان و الخوف و الخزي الداخلي.

كل هذه الأسباب تجعل الشخصية النرجسية معرضة أكثر للدخول في حالات من الإكتئاب. لذلك نجد أن بعض النرجسيين يراجع الطبيب النفسي لكي يتعالج من الإكتئاب و ليس من النرجسية.

علاج الشخصية النرجسية

بالطبع يتوفر علاج لإضطراب الشخصية النرجسية في علم النفس. و يعتمد علاج هذا الإضطراب على العلاج النفسي من خلال الحوار بين الطبيب النفسي و المصاب بالنرجسية. من الممكن إستخدام بعض الأدوية النفسية و ذلك لعلاج الحالات النفسية الأخرى المصاحبة للنرجسية مثل الإكتئاب.

لكن يجب عليك أن تعلم بأن معظم الشخصيات النرجسية لا تلجأ إلى العلاج النفسي. و ذلك لأنها لا تعترف بأي خلل في شخصيتها, علاوة على ذلك تقوم بإلقاء الخطأ و المسؤولية على الآخرين. لكن من الممكن أن تراجع الطبيب النفسي في حال إصابتها بأمراض نفسية أخرى تؤثر على مزاجها.

و الآن سوف أذكر لكم آلية علاج الشخصية النرجسية في علم النفس:

العلاج النفسي

يساعد العلاج النفسي الشخص المصاب بإضطراب الشخصية النرجسية على إكتساب القدرة على التواصل مع الآخرين. بحيث من الممكن أن تتحسن علاقته مع الأشخاص المحيطة به.

بالإضافة إلى ذلك يقوم الطبيب النفسي بمساعدة الشخص النرجسي على فهم مشاعره. و الأسباب التي تدفعه لمنافسة الآخرين و التعامل معهم بإزدراء.

أيضاً يتم علاج الشخصية النرجسية في علم النفس من خلال التركيز على تقبلها للمسؤولية و إكتساب بعض القدرات مثل:

• زيادة قدرة النرجسي على التواصل مع مشاعره و التحكم فيها.
• زيادة تقدير الذات.
• مساعدة النرجسي على وضع أهداف واقعية لحياته.
• زيادة القدرة على تحمل النقد و الفشل.
• تقبل العلاقات و محاولة الحفاظ عليها.
• مساعدة النرجسي في التعرف على قدراته و تطويرها.

كما ذكرت من قبل بأن علاج الشخصية النرجسية ليس بالموضوع السهل. لكن إذا أراد النرجسي و أعترف بينه و بين نفسه بأنه يريد أن يتغير فلن يستطيع أي شخص أن يمنعه من ذلك.

لكن يجب عليك أن ترى نتائج ملموسة لتطوره في العلاج بعد مدة زمنية معينة. لكي لا تتعرض للخداع منه بأنه يريد التغير لكي يعيدك للعلاقة أو للوصول إلى هدف معين.

ملخص

تعتبر النرجسية في علم النفس من الإضطرابات الشخصية التي تؤثر على الصحة العقلية للشخص المصاب بها. بحيث لهذه الشخصية عدة أعراض و من خلالها نستطيع تحديد إذا كان الشخص مصاباً بالنرجسية أم لا.

عادة يتم تشخيص هذا الإضطراب من خلال الطبيب النفسي. لكن هذا الشيء لا يمنعك من أخذ الحيطة و الحذر من أي شخص يمتلك صفات و أعراض الشخصية النرجسية. بحيث يجب عليك معرفة كيفية التعامل معه و وضع حدود شخصية قوية.

أيضاً يوجد علاج لإضطراب الشخصية النرجسية في علم النفس. لكن عادةً لا يكون هذا العلاج فعال بسبب عدم إعتراف المصاب بوجود أي خلل بشخصيته و عدم رغبته بالعلاج و تغيير نفسه.

يرجى ترك هذا الحقل فارغا

كُن أول الأشخاص الذين يقرأون المقالات عند صدورها

قم بالتسجيل لتلقي المقالات أولاً بأول في الصندوق الوارد الخاص بك.

البريد الالكتروني *

نحن لا نرسل البريد العشوائي! اقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيد من المعلومات.

تحقق من علبة الوارد أو مجلد الرسائل غير المرغوب فيها لتأكيد اشتراكك.